الإعلام الأمريكى يتحيز لإسرائيل

بين اللوبى الصهيونى وأهواء المحررين

كثيرا ما يتساءل المهتمون بالقضية الفلسطينية لماذا ينحاز الرأى العام الأمريكى للسياسات القمعية الإسرائيلية ويتجاهل الحقوق الفلسطينية؟ المؤكد أن أهم أسباب ذلك تكمن فى قوة اللوبى اليهودى والمسيحى الصهيونى وسيطرته على أجهزة الإعلام فضلا عن الإدارة الأمريكية فى الوقت الذى يغيب فيه أى وجود للوبى داعم لحقوق الشعب الفلسطينى، بالإضافة إلى وجود صلات حكومية ومصالح تجارية وثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
غير أن هذا لا يمنع وجود تفسير آخر يرجح أن تغطية وسائل الإعلام الأمريكية المتحيزة والتى دائما ما تصور النضال الفلسطينى كعمليات إرهابية وبينما تتنكر لانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين باعتبارها مجرد انتهاكات تافهة.
وللبرهنة على أن التغطية الإعلامية الأمريكية متحيزة لإسرائيل ولتحليل وقياس مدى تحيز الأعلام الأمريكى ليس علينا سوى أن نرصد المقالات المنشورة لكتاب اسرائيليين وفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية فى خمس صحف تعد من أكبر الصحف الأمريكية وأكثرها تأثير وهى وول ستريت جورنال، يو أس أ تودى، نيويورك تايمز، لوس انجلوس تايمز، وواشنطون بوست. حيث تعد تلك المقالات واحدة من مكونات الجريدة فبالإضافة إلى التحقيقات، وكلمات المحررين والأعمدة التى يكتبها الصحفيون والمحللون العاملون بالجريدة. يوميا تنشر الصحف الأمريكية آراء كتاب لا يعملون فيها.
توضح دراسة استغرقت منى خمس سنوات أنه فى أكبر خمس جرائد أمريكية تزيد نسبة النشر للكتاب الإسرائيليين عن مقالات نظرائهم الفلسطينين عن الضعفين ونصف الضعف، ففى وول ستريت جورنال التى تعد واحدة من أهم الصحف الأمريكية المهتمة بالمال والأعمال تزيد هذه النسبة لتصل إلى 5.1 ضعفا، أما بالنسبة للنيويورك تايمز فقد وصلت النسبة إلى 4.3 ضعفا. وتبلغ النسبة فى صحيفة لوس انجلوس تايمز 2.3 ضعفا. فى حين تبلغ النسبة فى واشنطون بوست التى تطبع فى عاصمة الأمة الأمريكية 1.4 ضعفا،أما يو اس أ تودى فكثيرا ما تنشر للإسرائيليين والفلسطينيين بنسب متقاربة. وهذا التقارب النسبى فى صحفيتى واشنطن بوست ويو اس أ تودى يظهر أن السبب فى النشر المكثف للإسرائيليين فى الصحف الأخرى هو نتيجة لأهواء محرريها.
أما الاستنتاج الثانى فيتمثل فى اشتراك المحررين فى محو وجود عرب إسرائيل وهم الفلسطينون الذين يمثلون نحو 20% من مواطنى إسرائيل، فبالرغم من نشر 201 مقالة ليهود إسرائيل لم تنشر الصحف الأمريكية الخمس إلا لمواطن واحد من عرب إسرائيل هو عزمى بشارة عضو الكنيست العربى.
أما اللاجئون الفلسطينيون فإنهم يعانون من نفس المصير، فطبقا لإحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأنروا يوجد نحو 2.6 مليون لاجئ فلسطينى يعيشون فى الشرق الأوسط خارج الأراضى المحتلة، يسكن الكثير منهم فى مخيمات اللاجئين إلا انهم لم يمثلوا فى الصحف الأمريكية الخمس إلا بمقال واحد، أما بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون فى الولايات المتحدة فلم يسمح لهم فى كتاباتهم بمناقشة أى شئ متعلق بشرعية حق العودة للاجئين الفلسطينيين فى القانون الدولى.
وعلى الرغم من كثرة نشر مواضيع لكتاب إسرائيليين إلا أن المعارضين الإسرائيليين للاتجاه السائد فى تناول الصراع العربى الإسرائيلى غالبا ما لا يتم نشر آرائهم، ففى العامين والنصف الأخيرين حاول هؤلاء المعارضون نشر ما يقرب من 45 مقالا إلا أنه تم نشر مقال واحد لمعارض إسرائيلى يتناول موضوعا لا يختلف كثيرا عن الآراء السائدة.
وبإيجاز، من خلال المقالات والموضوعات التى تم تناولها والمتعلقة بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى نلاحظ أن هناك سياسة تحيز للأقوياء بغض النظر عن المعايير الصحفية الموضوعية وتمثيل جميع وجهات النظر المختلفة. إن القوة الاقتصادية والعسكرية للكتاب الإسرائيليين والرؤية الإسرائيلية المسيطرة تعطيهم الأولوية على صفحات الجرائد الأمريكية، فى حين لا تسمع أصوات الفلسطينيين الضعفاء سواء كانوا يعيشون تحت الاحتلال أو فى المنفى. علاوة على ذلك، تستبعد كتابات الفلسطينيين المتعارضة مع الرؤية الإسرائيلية المسيطرة من صفحات الصحف الأمريكية.
وبالإضافة إلى الدراسات التى تكشف عن تحيز الإعلام الأمريكى يتوجب علينا نحن المعارضين للانتهاكات الإسرائيلية لشعب فلسطين العمل على تطوير إمكانياتنا لنستطيع أن نقاوم القوى التى تدعم الرواية الإسرائيلية. فقد قامت الحكومة الإسرائيلية بمجهود فعال لتوصيل رسالتها للإعلام العالمى، فى حين تبدو مجهودات السلطة الفلسطينية أقل فعالية وتأثيرا، كما أن المجموعات الإعلامية الأمريكية الداعمة للحقوق الفلسطينية ليست قادرة على مقاومة الجناح اليمينى الفعال والمنظم الداعم للصهيونية فى Camera اللجنة الأمريكية لدقة التغطية الصحفية فى الشرق الأوسط والمجموعات الأخرى التى تتابع الأعلام الأمريكى وتدعم الرؤية الصهيونية.
وقد أظهرت المجموعات الإعلامية الداعمة للصهيونية أن التنظيم الفعال كثيرا ما يؤثر على التغطية الإعلامية الأمريكية، وأنه من الممكن أن يلعب العرب الأمريكيون وحتى العرب الموجودون فى الشرق الأوسط دورا هاما فى دعم المؤسسات الإعلامية المؤيدة للحقوق الفلسطينية.

شيئ طبيعي
ولا ؟؟؟؟؟؟؟؟
تشكرااات افندم